شبكة السيارات الصينية: في الأيام الماضية، ضجّت وسائل الإعلام الصينية ومواقع التواصل بتقارير تفيد بأن وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات في الصين تعتزم فرض تنظيم جديد يمنع تحويل السيارات الجديدة إلى سيارات مستعملة خلال أول 6 أشهر من تسجيلها. هذه الأنباء أثارت موجة واسعة من الغضب والقلق بين المستهلكين، قبل أن يتم نفيها رسميًا وتوضيح حقيقة ما جرى.

شبكة السيارات الصينية – كارثة أم تنظيم؟ شائعة حظر بيع السيارات الجديدة في الصين تُشعل السوق وتأثر على تجار التصدير – والتوضيح الرسمي يُغير كل شيء!

كيف بدأ الجدل؟ خبر أثار العاصفة

نقطة الانطلاق كانت من مقال نُشر في 19 يوليو 2025 عبر الحساب الرسمي لمجلة تابعة لاتحاد صناعة السيارات الصينية، تحت عنوان:
“السيارات المستعملة بـ 0 كيلومتر: هل هي فائدة للمستهلك أم فوضى في السوق؟”

تضمّن المقال جملةً ورد فيها أن الجهات المعنية “تعتزم إصدار تنظيم يمنع تحويل ملكية السيارات الجديدة إلى مستعملة خلال 6 أشهر من تسجيلها”، وهو ما فُهم على أنه قرار رسمي ووشيك التنفيذ.

ردود الفعل: غضب واسع ونقاش عام

بمجرد تداول الخبر، اشتعلت المنصات الصينية بالتعليقات والانتقادات، حيث اعتبر الكثير من المستخدمين هذا التوجه اعتداءً على حقوقهم كمستهلكين، وسلطوا الضوء على أن:

  • القرار سيمنع عمليات إعادة البيع القانونية بعد الشراء.
  • بعض المشترين قد يضطرون لبيع السيارة خلال الأشهر الأولى لأسباب طارئة مثل السفر أو الظروف المالية.
  • القرار يخدم مصلحة شركات السيارات والوكالات ضد المستهلكين.

توضيح رسمي: “كان خطأ في الصياغة”

في 21 يوليو، أصدرت المجلة بيانًا رسميًا عبر حسابها على WeChat تنفي فيه صحة ما ورد في المقال الأصلي، وتؤكد أن:

كارثة أم تنظيم؟ شائعة حظر بيع السيارات الجديدة في الصين تُشعل السوق وتأثر على تجار التصدير – والتوضيح الرسمي يُغير كل شيء!

“الصياغة المتعلقة بسياسة منع تحويل السيارات الجديدة إلى مستعملة خلال 6 أشهر غير دقيقة، وقد تم تعديلها وتصحيحها فورًا. نعتذر عن أي سوء فهم نتج عن ذلك.”

ودعت المجلة جميع وسائل الإعلام التي أعادت نشر الخبر إلى تصحيح المعلومات أو حذفها، لتجنّب نشر معلومات مغلوطة.

الخلفية: ما هي “السيارات المستعملة بـ 0 كيلومتر”؟

الحديث لا يدور حول السيارات التي استُخدمت بالفعل، بل عن نوع خاص من السيارات يُطلق عليه في السوق الصيني اسم “السيارات المستعملة بـ 0 كيلومتر”، وهي تنقسم إلى ثلاث فئات رئيسية:

  1. سيارات الشركات الكبرى أو المخزون الراكد: تُباع بكميات كبيرة من الشركات المصنعة للموزعين أو الشركات الكبرى، وتتضمن طرازات قديمة أو غير رائجة.
  2. سيارات “تحقيق الأهداف البيعية”: تقوم بعض الوكالات بترخيص سيارات جديدة باسمها نهاية كل ربع أو عام لتحسين أرقام المبيعات، وتُباع لاحقًا كمستعملة.
  3. السيارات الملغاة من العملاء: سيارات تم حجزها من قبل عملاء ولم يُكملوا الدفع، فيتولى تاجر مستعمل استلامها وبيعها ضمن سوق السيارات المستعملة.
شبكة السيارات الصينية – كارثة أم تنظيم؟ شائعة حظر بيع السيارات الجديدة في الصين تُشعل السوق وتأثر على تجار التصدير – والتوضيح الرسمي يُغير كل شيء!

لماذا الأمر مهم؟ ومن المتضرر؟

هذه الظاهرة خلقت مساحة رمادية في السوق، حيث يتم بيع سيارات جديدة فعليًا ولكنها “مسجلة” كمستعملة، ما:

  • يُسبب خللًا في بيانات السوق الرسمية.
  • يُضعف ثقة المستهلكين في الشفافية.
  • يُعطي انطباعًا زائفًا بأن هناك طلبًا قويًا.
  • قد يُستخدم للتحايل الضريبي أو كوسيلة لتصفية المخزون دون الإعلان الرسمي.

موقف صانع السيارات: جريت وول وزيكر

في مايو 2025، علّق رئيس شركة جريت وول – Wei Jianjun قائلاً:

“السيارات المستعملة بـ 0 كيلومتر أصبحت ظاهرة غير صحية في القطاع، وتؤثر سلبًا على النظام التجاري.”

أما شركة ZEEKR، فأصدرت بيانًا رسميًا بتاريخ 20 يوليو 2025 تنفي فيه مشاركتها في مثل هذه الممارسات، وتوضّح أن السيارات التي أُشير إليها في بعض التقارير هي سيارات عرض فقط (Display Cars)، لم تُسجّل رسميًا، ولم تُباع بالتجزئة، ولا تزال تعتبر قانونيًا سيارات جديدة.

توضيح زيكر: “عرض فقط، وليست مستعملة”

أكدت زيكر أن السيارات المعنية:

شبكة السيارات الصينية – كارثة أم تنظيم؟ شائعة حظر بيع السيارات الجديدة في الصين تُشعل السوق وتأثر على تجار التصدير – والتوضيح الرسمي يُغير كل شيء!
  • لم تُسجّل أو تُمنح لوحات.
  • لم تُصدر لها فواتير بيع.
  • خضعت فقط للتأمين خلال فترة العرض (كجزء من سياسة السلامة).
  • قد تُعرض لاحقًا للبيع بتخفيض نظراً لتاريخ العرض أو فترة التخزين (3-5 أشهر).
  • يُمنح المشتري كامل امتيازات السيارة الجديدة بما في ذلك الضمان والامتيازات الرسمية.

تأثير الشائعة على تصدير السيارات الصينية إلى الخليج: ارتباك المصدّرين وكشف لمشاكل أعمق

مع انتشار الشائعة التي تزعم “منع بيع السيارات الجديدة خلال أول 6 أشهر من تسجيلها في الصين”، سادت حالة من الارتباك والذعر المؤقت بين المصدّرين الصينيين المستقلين، خاصة أولئك الذين يزوّدون السوق الخليجي بسيارات “صفر كيلومتر” عبر قنوات استيراد غير رسمية. فخلال العامين الماضيين، ازدهرت حركة تصدير السيارات الصينية مباشرة من السوق المحلي إلى معارض في دول الخليج والشرق الأوسط، خصوصًا أسواق مثل الإمارات وقطر والأردن ومصر ودول أخرى، مدفوعة بفارق السعر، وتوافر طرازات غير موجودة لدى الوكلاء المحليين.

لكن فور انتشار الشائعة، أوقف كثير من التجار عمليات الشراء مؤقتًا خشية أن تُعتبر هذه المركبات “غير قابلة للبيع” قانونيًا في حال تم منع نقل ملكيتها خلال 6 أشهر، مما هدد بنسف نموذج أعمال يعتمد على السرعة والهامش الربحي المحدود.

ورغم صدور نفي رسمي وتصحيح للمعلومة، إلا أن هذه الحادثة سلّطت الضوء على هشاشة الثقة التنظيمية داخل السوق الصيني من وجهة نظر المصدّرين الصغار، وكشفت مخاوف حقيقية لديهم من تغييرات مفاجئة قد تؤثر على تجارتهم مع الخارج، دون تنسيق مع الجهات التصديرية الرسمية.

لكن المشكلة لا تتوقف عند هذا الحد فقط. فـ الاستيراد المباشر من السوق الصيني المحلي بمواصفات داخلية مخصصة للصين يواجه تحديات متزايدة في دول الخليج:

  • عدم تطابق المواصفات: كثير من السيارات المستوردة مباشرة لا تتوافق مع المواصفات الخليجية في أنظمة التكييف، الفلاتر، أنظمة الملاحة، وحتى توافق الوقود، مما يسبب أعطالًا أو تجربة غير مثالية للمستخدم.
  • ضمان غير معترف به: غالبًا لا يتم الاعتراف بضمان المصنّع داخل الخليج عند استيراد السيارة بشكل مباشر، مما يُحرم العميل من خدمات ما بعد البيع أو الاستدعاءات الرسمية.
  • اختلاف أنظمة التشغيل واللغة: بعض السيارات تأتي بنظام تشغيل داخلي لا يدعم اللغة الإنجليزية أو العربية، أو يفتقر لتطبيقات الملاحة الشائعة محليًا مثل خرائط Google.
  • صعوبة الصيانة وقطع الغيار: بسبب اختلاف فئة السيارة المستوردة عن النسخ الرسمية، قد يواجه العميل صعوبة في العثور على قطع غيار متوافقة، أو في برمجة المركبة في مراكز الصيانة.
  • فروقات في الأمان والتقنية: بعض الطرازات تأتي بإعدادات تقنية وسلامة أقل من النسخ العالمية، ما يجعلها أقل أمانًا أو كفاءة في السوق الخليجي.

ومع أن هذا النموذج من الاستيراد يوفر بدائل أرخص وأكثر تنوعًا للعميل الخليجي أو عميل الشرق الأوسط، إلا أنه يحتاج إلى تنظيم أكبر وتوعية أوسع لضمان عدم الإضرار بمصلحة المستهلك، وضمان جودة وسلامة المركبات المتداولة.


ضغوط متزايدة على العلامات والوكلاء: الاستيراد المباشر يفرض واقعًا جديدًا

أدى تصاعد ظاهرة الاستيراد المباشر للسيارات الصينية من السوق المحلي داخل الصين إلى دول الخليج والشرق الأوسط بشكل عام, إلى إرباك واضح في استراتيجيات العلامات التجارية الرسمية والوكلاء المحليين المعتمدين. فمعارض السيارات في السعودية والإمارات وقطر بدأت تشهد تدفقًا كبيرًا لطرازات مستوردة بطرق غير رسمية وبأسعار أقل من أسعار الوكيل، ما أحدث فجوة في تسعير السوق وأثّر على مبيعات الطرازات الرسمية.

هذا الاتجاه خلق تحديات جوهرية أمام وكلاء السيارات الصينيين في الخليج:

  • ضغط على هوامش الربح: بسبب المنافسة السعرية المباشرة مع السيارات المستوردة من الصين، أُجبر بعض الوكلاء على تقليص هامش الربح أو تقديم عروض إضافية للحفاظ على الجاذبية.
  • تشويش في صورة العلامة التجارية: بعض العملاء يحصلون على سيارات بمواصفات داخلية مخصصة للسوق الصيني (مثل عدم وجود اللغة العربية أو ضعف نظام التبريد)، ويظنون أن هذه السيارات “رسمية”، مما ينعكس سلبًا على سمعة العلامة في المنطقة.
  • تعقيد في خدمة ما بعد البيع: قد يتوجه عملاء الاستيراد المباشر لمراكز الصيانة الرسمية للمطالبة بالخدمة رغم عدم اعتراف الشركة المصنعة بالضمان، مما يزيد الضغط التشغيلي على الوكلاء ويخلق تضاربًا في المصلحة.
  • صعوبة التخطيط الاستراتيجي: بما أن جزءًا من السوق أصبح غير قابل للقياس عبر قنوات التوزيع الرسمية، تجد الشركات المصنعة نفسها غير قادرة على تحديد الحجم الحقيقي للطلب، مما يربك خطط التسويق والإنتاج والتوزيع.

ورغم أن بعض الشركات بدأت بإطلاق برامج احتواء (مثل تقديم خدمات مدفوعة للسيارات المستوردة أو إطلاق طرازات خاصة بأسعار منافسة)، إلا أن الاستيراد المباشر فرض واقعًا جديدًا يتطلب حلولًا أكثر مرونة وتنظيمًا، سواء من الجانب الصيني في التصدير أو من الجهات الخليجية في إدارة السوق وتنظيم المواصفات.


تحليل شبكة السيارات الصينية

رغم أن شائعة “منع تسجيل السيارات الجديدة لمدة 6 أشهر” تم نفيها رسميًا، إلا أنها كشفت عن رغبة تنظيمية في الصين لمحاربة فوضى سيارات 0KM، والتي باتت تشكّل تحديًا حقيقيًا داخل وخارج الصين.

في الخليج، زاد اعتماد بعض المعارض على استيراد مباشر من السوق الصيني، غالبًا عبر تجار غير رسميين يبيعون مركبات بمواصفات محلية صينية، ما يؤدي إلى:

  • مشاكل في اللغة، التبريد، وعدم توافق المواصفات.
  • غياب الضمان والخدمة (حتى لو توفرت خارج الوكيل الرسمي عند بعض الشركات).
  • صعوبات في تحديث الأنظمة أو تسجيل المركبات.

هذا التوجه أثر سلبًا على العلامات الصينية ووكلائها الرسميين في المنطقة، وأدى إلى تشويش في السوق وتفاوت كبير في تجربة العملاء.

مع تزايد وعي المستهلك الخليجي، من المتوقع أن يتقلص حجم الاستيراد العشوائي تدريجيًا لصالح القنوات الرسمية المعتمدة، التي توفر ضمانًا، مواصفات مخصصة، وخدمة موثوقة ما بعد البيع.

اخر الاخبار اخر الاخبار