شبكة السيارات الصينية – في إعلان حديث، كشفت شركة شيري (Chery) عن نتائج صادراتها خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2025، حيث بلغت صادرات شهر أبريل وحده 87,738 سيارة، لتحتفظ بالصدارة كأكثر شركات السيارات الصينية تصديرًا، بإجمالي صادرات بلغ 343,203 سيارة من يناير حتى نهاية أبريل. هذا النجاح لا يُعد جديدًا، فشيري حققت في عام 2024 مبيعات إجمالية تجاوزت 2.6 مليون سيارة، منها أكثر من 1.14 مليون سيارة مصدّرة، مما يجعلها وللعام الـ22 على التوالي الأولى بين العلامات الصينية في صادرات السيارات.

لكن رغم سجلها العريق، كانت المفاجأة في أن دخول شيري إلى السوق الأوروبي بدأ مؤخرًا فقط، وبطريقة مثيرة للتساؤل:

  • لماذا تأخرت عن دخول أوروبا حتى الآن؟
  • لماذا اختارت سيارات البنزين بدلًا من الكهرباء؟
  • وهل يمكن لعلامات جديدة مثل OMODA وJAECOO أن تنجح في سوق عالي المنافسة بهذا الشكل؟

ريادة في روسيا.. لكن المخاطر تتزايد

في عام 2024، بلغت حصة شيري من سوق السيارات الروسي 20.4%، ما يجعلها الثانية بعد العلامة المحلية “لادا”، والأولى بين جميع العلامات الصينية. وتأتي بعدها جريت وول (14.2%)، جيلي (12.3%)، وشانجان (7%).

ومع ذلك، فإن السوق الروسي بات محفوفًا بالمخاطر. حيث أعلن الرئيس التنفيذي لشركة Avtovaz الروسية (صاحبة علامة لادا) أن تدفق السيارات الصينية “يشكّل تهديدًا حقيقيًا لصناعة السيارات والمكونات المحلية”. وزاد الأمر تعقيدًا عندما فرضت روسيا، في أكتوبر 2024، ضرائب إهلاك جديدة على السيارات المستوردة، ارتفعت بنسبة 70% إلى 85%، مع خطة لزيادات سنوية حتى عام 2030. هذا التوجه فُسّر في السوق بأنه استهداف مباشر لشركات السيارات الصينية.

كما أن شيري أدرجت في نشرة اكتتابها في بورصة هونغ كونغ الصادرة في فبراير 2025 أنها ستقلص عملياتها تدريجيًا في روسيا لتفادي تعرّضها لعقوبات مستقبلية، خاصة أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يدرسان فرض رقابة أكثر صرامة على استثمارات الصين في روسيا.


لماذا الآن إلى أوروبا؟ استراتيجية “الالتفاف الذكي”

بدلًا من الدخول مباشرة إلى ألمانيا أو المملكة المتحدة، اختارت شيري البدء من دول جنوب أوروبا مثل إسبانيا، في خطوة محسوبة تعتمد على مبدأ “الزحف الهادئ”. وصرّح نائب رئيس الشركة “تشانغ شنغشان” قائلًا:

“لا يجب أن تكون الأول لكي تصبح الرقم واحد، بل المهم ألا ترتكب أخطاء.”

هذه الاستراتيجية تشبه ما يُعرف بتكتيك “الريف يُحاصر المدينة”، حيث تبدأ الشركة من أسواق أقل تنافسية لتبني القاعدة والسمعة، ثم تتوسع تدريجيًا نحو مراكز الثقل الأوروبية.


لماذا سيارات البنزين وليس الكهرباء؟

رغم أن المركبات الكهربائية هي نقطة القوة الصينية عالميًا، فإن شيري اختارت الدخول إلى أوروبا بسيارات تعمل بالبنزين. وهذا الخيار يبدو للوهلة الأولى عكس الاتجاه، لكن الواقع يعكس رؤية استراتيجية عميقة.

فبحسب تقارير الصناعة، فإن السيارات الكهربائية لا تزال تواجه تحديات في أوروبا، أبرزها:

  • تفاوت وتذبذب سياسات الدعم الحكومي بين دول الاتحاد الأوروبي
  • ارتفاع تكاليف البطاريات والطاقة والعمالة
  • ضعف هوامش الربح مقارنة بسيارات البنزين
    بل إن مدير الشؤون المالية لشركة فولكس فاجن صرّح مؤخرًا أن النمو السريع في مبيعات السيارات الكهربائية في أوروبا قد يضغط على أرباح الشركة في 2025.

ومن هنا، قررت شيري اتباع سياسة “الازدواجية الذكية”:

“التركيز على البنزين كمصدر رئيسي للدخل، واستخدام الكهرباء كرافعة تكميلية، لا كمغامرة.”


إطلاق علامتين عالميتين جديدتين: JAECOO وOMODA

في 2023، أطلقت شيري علامتيها العالميتين الجديدتين OMODA وJAECOO خصيصًا للأسواق الخارجية. وبحسب نتائج الربع الأول من 2025:

  • مبيعات OMODA: 7,947 سيارة
  • مبيعات JAECOO: 13,829 سيارة

وبالرغم من أن هذه الأرقام تبدو متواضعة، إلا أنها تحققت في وقت قصير، ومن خلال طرازات بنزين بالكامل، في سوق لا يزال العلامة فيه جديدة نسبيًا.


OMODA تتفوق على XPENG.. وتقترب من BYD

في الربع الأول من عام 2025، سجلت OMODA مبيعات لسيارتها الكهربائية E5 بـ 588 سيارة فقط، بينما باعت من الطراز البنزين OMODA 5 عدد 3,002 سيارة. وبالمجمل، سجلت سيارات OMODA الكهربائية في أوروبا 703 تسجيلات فقط، مقابل 7,244 تسجيلًا لسيارات البنزين.

شبكة السيارات الصينية – لماذا تختار شيري غزو أوروبا بسيارات البنزين؟ استراتيجية "الخروج الصامت" تضعها خلف بي واي دي مباشرة في ترتيب المبيعات

أما JAECOO، فحققت أداءً أقوى، ببيع 13,829 سيارة خلال الفترة نفسها.

وبحسب بيانات التسجيل في 28 دولة أوروبية خلال عام 2024، احتلت OMODA المرتبة 41 بين جميع العلامات، متفوقة على XPENG، وتقترب من BYD التي احتلت المرتبة 31 بـ 20,265 سيارة.


خلاصة وتوقعات مستقبلية

تُعتبر شيري واحدة من أكثر شركات السيارات الصينية نضجًا من حيث استراتيجية التوسع الخارجي. ورغم أنها دخلت السوق الأوروبي متأخرة، إلا أن نتائجها تُظهر تسارعًا قويًا وتفوقًا واضحًا على منافسين مثل XPENG.

سياسة “البنزين أولًا، والكهرباء ثانيًا” قد تبدو مخالفة للتيار، لكنها حتى الآن حققت نتائج عملية أفضل، خصوصًا في ظل التقلبات التي تمر بها سياسات دعم الكهرباء في أوروبا.

لكن النجاح الحقيقي سيُقاس عند دخول شيري إلى الأسواق الأوروبية المركزية مثل ألمانيا وفرنسا، حيث يشتد التنافس ويُختبر الولاء للعلامات.

تبقى شيري اليوم نموذجًا لصانع صيني هادئ، لا يهوى الأضواء، بل يركّز على الأرضية، ويتعلّم من أخطاء الآخرين قبل أن يخطو خطوته الخاصة.

اخر الاخبار اخر الاخبار