شبكة السيارات الصينية: في إطار متابعة فريق شبكتنا لأهم الأحداث في السوق الصيني والخاص بقطاع السيارات, وفي تحول جوهري في سياسة الضرائب الصينية على السيارات، أعلنت وزارة المالية والإدارة العامة للضرائب في 17 يوليو 2025 عن تعديل شامل في سياسة ضريبة السيارات الفاخرة، وذلك بهدف توجيه الاستهلاك نحو خيارات أكثر عقلانية. ويبدأ تنفيذ القرار الجديد اعتبارًا من 20 يوليو 2025، حيث تم خفض الحد الأدنى لتطبيق الضريبة من 1.3 مليون يوان إلى 900 ألف يوان (ما يعادل نحو 465 ألف ريال سعودي)، مع شمول السيارات الكهربائية والفاخرة الخالية من الانبعاثات في نطاق الضريبة.


أولاً: ما الذي تغيّر في سياسة ضريبة السيارات الفاخرة؟

الحد الجديد لتطبيق الضريبة:
تم تعديل نطاق الضريبة ليشمل كافة أنواع سيارات الركاب والحافلات التجارية الخفيفة والمتوسطة التي يتجاوز سعرها 900 ألف يوان صيني (دون ضريبة القيمة المضافة)، بما في ذلك سيارات البنزين، الكهربائية، الهيدروجينية، وخلايا الوقود. وهذا يعني أن طيفًا أوسع من السيارات سيقع الآن تحت عباءة الضريبة.

السيارات الكهربائية لم تعد معفية:
أحد أبرز التغييرات هو فرض ضريبة استهلاك على السيارات الكهربائية والسيارات بخلايا الوقود ذات الأسعار المرتفعة، بعد أن كانت معفاة في السابق. في النظام القديم، كان معيار فرض الضريبة يعتمد على سعة المحرك (cc)، ما أعفى السيارات الكهربائية التي لا تحتوي على أسطوانات أو انبعاثات.


ثانياً: نهاية مبكّرة للإعفاءات الضريبية على السيارات الكهربائية

قبل هذا التعديل، كانت كافة السيارات الكهربائية والهجينة معفاة من ضريبة الشراء حتى نهاية عام 2025، مع تخطيط تدريجي لاستعادة الضريبة بنسبة 5% في 2026، و10% في 2027. لكن إعلان يوليو 2025 بدأ بالفعل في فرض ضريبة استهلاك على السيارات الفاخرة الكهربائية.

صحيح أن هذا التغيير يستهدف حاليًا الفئة الفاخرة فقط، مثل سيارات ZEEKR 009 وAITO M9 والسيارات القادمة مثل زيكر 9X وسيارات مثل هواوي مايكسترو S800 وغيرهم، إلا أنه يُمثّل بداية لتحوّل تدريجي في سياسة الإعفاءات، قد يؤثر لاحقًا على السوق بالكامل.

رغم أن الفئة المستهدفة من الضريبة هي الأعلى سعرًا والأقل حجمًا، إلا أن هذه الخطوة قد تكون مقدمة لنهاية عصر الإعفاءات الواسعة للسيارات الكهربائية، مما قد يؤثر على النمو السريع في مبيعات NEV مستقبلاً.


ثالثاً: تسهيلات للسوق الثانوي – إعفاء شامل لسيارات الفخامة المستعملة

أقرّ التعديل الجديد أن ضريبة الاستهلاك لا تُفرض على السيارات الفاخرة المستعملة، أي أن المبيعات اللاحقة لنقل الملكية من مالك لآخر لا تخضع لأي ضريبة استهلاك، شريطة أن تكون السيارة ضمن عمر الاستخدام القانوني.

هذا القرار يشجّع بشكل مباشر سوق السيارات المستعملة الفاخرة ويقلل من تكاليف المعاملات، ما سيسهم في تنشيط هذا القطاع.


رابعاً: توسيع نطاق التقييم الضريبي ليشمل الملحقات والديكورات

النظام الجديد أوضح أن الضريبة تُحسب بناءً على كامل المبلغ المدفوع من المشتري، بما في ذلك أي تكاليف إضافية مثل “الباقات الفاخرة”، الملحقات، أو الخدمات التي كانت تُدرج في السابق ضمن عقود منفصلة لتجنّب الضرائب.

هذا البند يُغلق باب التهرب الضريبي الذي كان يتم عبر تقسيم الفاتورة بين سعر السيارة والخدمات الإضافية، ما يرفع الشفافية ويُحصّن النظام الضريبي من الثغرات.


خامساً: هل ستحقق هذه التعديلات هدف “الاستهلاك العقلاني”؟

من حيث المبدأ، تهدف ضريبة السيارات الفاخرة إلى تقليل استهلاك السلع الفاخرة، لكن التأثير العملي محدود. فالضريبة جزء من السعر المعروض للمستهلك (ضمني وليس مضاف)، ما يعني أن المشترين لا يشعرون فعليًا بوجود ضريبة إضافية، خصوصًا في فئة الشراء المرتفع.

وفقًا لتقرير “Hurun” حول مستهلكي السيارات الفاخرة في الصين، فإن أقل من 20% من المشترين يأخذون السعر كعامل مؤثر في قرار الشراء. بعبارة أخرى، العملاء القادرون على دفع 900 ألف يوان، نادرًا ما يتراجعون بسبب 10% ضريبة إضافية.


سادساً: حجم سوق السيارات الفاخرة في الصين – أقل من 2% من السوق

بحسب بيانات معهد Huaxin للأبحاث، فإن السيارات التي يتجاوز سعرها 400 ألف يوان تمثل فقط حوالي 60 ألف سيارة سنويًا، أي نحو 2% فقط من السوق الإجمالي للسيارات في الصين (حوالي 30 مليون سيارة سنويًا). ما يعني أن هذه الفئة ضيقة من حيث الحجم، لكنها تحمل رمزية عالية من حيث التنظيم الضريبي والسياسة الاقتصادية.


سابعاً: ضريبة السيارات الفاخرة… ليست الأولى في التاريخ الصيني الحديث

في عام 2008، نفذت الصين سياسة ضرائب تصاعدية على السيارات حسب السعة، لدعم مبيعات السيارات الصغيرة والكهربائية، وقد أسفرت حينها عن طفرة حقيقية، حيث تضاعفت مبيعات NEV ثلاث مرات في 2009، وأربع مرات في 2010.


ثامناً: الهدف الحقيقي لهذا التعديل – إصلاح هيكل الضرائب في الصين

هذا التعديل ليس فقط حول سوق السيارات، بل يُعد جزءًا من إصلاحات أوسع في نظام الضرائب الصيني:

  • في 2019، أعلنت الحكومة عن خطة لتحويل عائدات ضريبة الاستهلاك من المستوى المركزي إلى الحكومات المحلية لتعويض تراجع دخل بيع الأراضي.
  • في 2023، شكلت ضريبة الاستهلاك 8.9% من إجمالي الضرائب، بقيمة 1.6 تريليون يوان.
  • هناك توجه لإضافة فئات جديدة للضريبة تشمل سلع فاخرة لم تكن خاضعة مثل الطائرات الخاصة، الملابس الراقية، وأندية النخبة.

بينما يبدو القرار متعلقًا بالسيارات، إلا أنه يعكس توجهًا اقتصاديًا واسعًا لإعادة توزيع الدخل وتعزيز إيرادات الحكومات المحلية، خصوصًا في ظل التباطؤ العقاري وانخفاض مداخيل بيع الأراضي.


شبكة السيارات الصينية

تُمثّل هذه التعديلات منعطفًا هامًا في تنظيم السوق الصيني للسيارات، خصوصًا في قطاع الفخامة والطاقة الجديدة. فرض الضرائب على السيارات الكهربائية الفاخرة يُنهي فترة امتياز ضريبي طويلة، ويمهّد لتحولات جذرية في طريقة تعامل الصين مع كهربة السوق وتوازن الاستهلاك. وبينما لن يتأثر الأثرياء كثيرًا، إلا أن السوق سيُراقب بعناية أثر هذه التغيرات على المدى المتوسط.

ومع تطور إصلاحات الضريبة في البلاد، قد نرى قريبًا سياسات أوسع تشمل سيارات الأداء العالي والماركات العالمية، مع بقاء الصين في طليعة الدول التي توازن بين النمو الاقتصادي والسياسات العادلة في الاستهلاك.


اخر الاخبار اخر الاخبار