شبكة السيارات الصينية: في خطوة تعكس نضوج الصناعة الصينية ورغبتها في تعزيز سلامة السيارات الذكية، أعلنت الإدارة العامة لتنظيم السوق في الصين (SAMR) خلال مؤتمر السيارات الذكية العالمي 2025 في بكين عن إنشاء وتنفيذ نظام مؤسسي جديد للإبلاغ الإلزامي عن حوادث حرائق سيارات الطاقة الجديدة (NEV Fire Report System)، إلى جانب آليات جديدة لمراقبة تحديثات السيارات البرمجية عن بُعد (OTA).
يأتي هذا الإعلان بعد بلوغ إجمالي عمليات استدعاء السيارات في الصين منذ إطلاق النظام عام 2004 وحتى سبتمبر 2025 رقمًا ضخمًا تجاوز 3230 حملة استدعاء شملت أكثر من 120 مليون سيارة.

الصين تُطلق نظامًا إلزاميًا للإبلاغ عن حرائق سيارات الطاقة الجديدة بعد أكثر من 120 مليون استدعاء منذ 2004

الخلفية: أكثر من 20 عامًا من التطور التنظيمي

بدأ نظام استدعاء السيارات في الصين رسميًا في أكتوبر 2004، مع صدور اللائحة الوطنية الأولى بعنوان:
《缺陷汽车产品召回管理规定》 (أحكام إدارة استدعاء منتجات السيارات المعيبة)،
تحت إشراف الإدارة العامة لمراقبة الجودة والفحص والحجر الصحي AQSIQ.
ومع تأسيس هيئة تنظيم السوق (SAMR) في عام 2018، انتقلت إليها المسؤولية الكاملة عن النظام، وتم تحديث اللوائح لمواكبة السيارات الذكية والطاقة الجديدة.

شبكة السيارات الصينية – الصين تُطلق نظامًا إلزاميًا للإبلاغ عن حرائق سيارات الطاقة الجديدة بعد أكثر من 120 مليون استدعاء منذ 2004

الخط الزمني لتطور النظام:

المرحلةالجهة المشرفةأبرز التطورات
2004AQSIQبدء تطبيق نظام الاستدعاء رسميًا في الصين.
2006 – 2011AQSIQتوسيع نطاق النظام ليشمل الشركات المحلية والأجنبية.
2013AQSIQإطلاق المنصة الإلكترونية الوطنية للاستدعاءات.
2018SAMRانتقال صلاحيات الإشراف إلى الهيئة الجديدة.
2025 (حتى سبتمبر)SAMRوصول الإجمالي التراكمي إلى 3230 حملة استدعاء شملت 120 مليون مركبة.

استدعاءات 2025: أقل عدد حملات.. لكن رقابة أشد

وفق بيانات مركز استدعاء المنتجات التابع لـ SAMR، فإن الفترة من يناير حتى سبتمبر 2025 شهدت:

  • 93 حملة استدعاء (منها 60 في النصف الأول و33 في الربع الثالث).
  • بإجمالي 5.97 مليون سيارة مستدعاة خلال تسعة أشهر.

وهذا يُظهر أن الصين ركّزت هذا العام على جودة الحملات ودقة الرقابة أكثر من العدد، ضمن استراتيجية جديدة تقوم على التحليل الذكي للمخاطر عبر البيانات الرقمية بدلاً من الاستدعاءات الواسعة التقليدية.

شبكة السيارات الصينية – الصين تُطلق نظامًا إلزاميًا للإبلاغ عن حرائق سيارات الطاقة الجديدة بعد أكثر من 120 مليون استدعاء منذ 2004

نظرة على أداء الأعوام السابقة

بحسب تقارير SAMR الرسمية:

  • في عام 2024 تم تنفيذ 233 عملية استدعاء شملت 11.24 مليون سيارة.
  • منها 2.556 مليون مركبة استُدعيت بسبب مشكلات في أنظمة القيادة المساعدة (ADAS)، ما يمثل 23% من إجمالي استدعاءات العام.
  • ومع نهاية 2024، بلغ الإجمالي التراكمي للاستدعاءات منذ 2004 نحو 114 مليون مركبة، قبل أن يرتفع الرقم إلى 120 مليون مركبة بحلول سبتمبر 2025.

هذه الأرقام تعكس اتساع حجم السوق الصيني، حيث تتجاوز المبيعات السنوية الإجمالية للسيارات 25 مليون وحدة، ما يجعل نسب الاستدعاء التراكمية منطقية ومتسقة مع حجم السوق الأكبر في العالم.


النظام الجديد: الإبلاغ الإلزامي عن حوادث الحرائق في سيارات الطاقة الجديدة

أحد أهم مخرجات مؤتمر بكين 2025 كان إعلان نظام إلزامي لتقارير حوادث حرائق سيارات الطاقة الجديدة (NEV Fire Reporting System)، وهو نظام تنظيمي جديد يفرض على الشركات المصنعة:

  • تقديم تقرير أولي خلال 24 ساعة من وقوع الحادث.
  • تقديم تقرير فني تفصيلي خلال 10 أيام عمل يتضمن التحليل الفني وأسباب الحريق.
  • تحديد ما إذا كان الحادث ناجمًا عن خلل تصميم، أو خطأ تصنيع، أو عيب في البطارية أو نظام الإدارة الحرارية.
  • تسليم بيانات التشغيل والتحليل الحراري إلى الهيئة التنظيمية فورًا.

الهدف من هذا النظام هو تأسيس قاعدة بيانات وطنية لحوادث الحرائق في سيارات الطاقة الجديدة، وتحليل الأنماط المتكررة للمشكلات في البطاريات وأنظمة الشحن والتبريد لتجنّب الكوارث قبل وقوعها.

شبكة السيارات الصينية – الصين تُطلق نظامًا إلزاميًا للإبلاغ عن حرائق سيارات الطاقة الجديدة بعد أكثر من 120 مليون استدعاء منذ 2004

تنظيم جديد لتحديثات البرمجيات (OTA)

كما أطلقت SAMR آلية رقابية جديدة تُلزم الشركات بتقديم تقارير دورية ومسبقة عن تحديثات OTA التي تمس أنظمة الأمان أو القيادة.
فقد ثبت أن بعض الشركات كانت تُدخل تعديلات جوهرية على أداء السيارة من خلال التحديثات السحابية دون إخطار المستخدم أو الجهة المنظمة، مما يعرّض السلامة للخطر.

الآلية الجديدة تنص على:

  • تسجيل جميع التحديثات في منصة وطنية للرقابة.
  • إعلام المستهلكين بوضوح بأي تعديل في الأداء أو أنظمة القيادة.
  • منع تحديثات OTA التي تغيّر خصائص الأمان دون موافقة رسمية.

إطلاق “الصندوق الرملي للسلامة” لمركبات القيادة الذكية

من الابتكارات اللافتة أيضًا نظام “الصندوق الرملي للسلامة” (Automotive Safety Sandbox)، وهو مشروع تجريبي تنظيمي يسمح باختبار التقنيات الذكية — مثل القيادة الذاتية والملاحة الحضرية — في بيئة رقمية تحاكي الواقع، قبل اعتمادها فعليًا على الطرق.
يهدف هذا النظام إلى تحليل المخاطر البرمجية والتأكد من أن كل ميزة جديدة تستوفي المعايير الوطنية للأمان قبل الإطلاق التجاري.


التنسيق المشترك مع وزارة الصناعة

أوضحت SAMR أنها تعمل بالتعاون مع وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية (MIIT) لإعداد لائحة جديدة تشمل:

  • مراقبة اتساق الإنتاج مع معايير الاعتماد (Production Consistency).
  • تشديد الرقابة على الدعاية المضللة والمنافسة غير العادلة.
  • وضع ضوابط للإعلانات الخاصة بالسيارات الذكية والطاقة الجديدة، خصوصًا تلك التي تبالغ في قدرات القيادة الذاتية.

تحليل فني واستراتيجي

تمثّل هذه الخطوات تحولًا جذريًا في فلسفة الرقابة بالصين:
فهي لم تعد تقتصر على الاستجابة بعد وقوع الحوادث، بل تعتمد على منظومة رقابية استباقية قائمة على تحليل البيانات الضخمة، تشمل:

  • تتبّع أعطال البطاريات ونُظم التبريد لمنع الحرائق.
  • مراقبة البرمجيات عبر منصات OTA.
  • فحص سلامة الأنظمة الذكية قبل الترخيص من خلال الصندوق الرملي.

هذا يضع الصين في مقدمة الدول التي تطبّق نموذج “الرقابة الذكية على السيارات الذكية”.


أهمية الخطوة لصناعة السيارات الصينية والعالمية

تمثل هذه الأنظمة الجديدة تطورًا نوعيًا في إدارة المخاطر التنظيمية في قطاع السيارات.
فبجانب كون الصين أكبر سوق سيارات في العالم (بمبيعات تتجاوز 30 مليون سيارة سنويًا)، أصبحت أيضًا السبّاقة في بناء إطار رقابي رقمي متكامل يدمج الذكاء الاصطناعي بالحوكمة التقنية.
ويتوقع أن تُصبح هذه التجربة نموذجًا يُحتذى به في أوروبا ودول الخليج التي بدأت تستقبل أعدادًا متزايدة من سيارات الطاقة الجديدة الصينية.


رؤية شبكة السيارات الصينية

من منظور شبكة السيارات الصينية، تمثل هذه التطورات خطوة حاسمة نحو تحقيق الشفافية والمساءلة التقنية في قطاع السيارات الذكية.
إطلاق نظام الإبلاغ عن الحرائق، وضبط تحديثات OTA، وتطبيق الصندوق الرملي، تعكس توجه الصين نحو رقابة متكاملة تجمع بين الوقاية التقنية، والرقابة القانونية، والتحليل الذكي للمخاطر.
هذه الخطوات سترفع من ثقة المستهلكين عالميًا في السيارات الصينية، وتؤكد أن الصناعة لم تعد تركز فقط على الإنتاج والمبيعات، بل أيضًا على السلامة، الموثوقية، والاستدامة طويلة الأمد.

اخر الاخبار اخر الاخبار