- 22 أكتوبر - 11 صباحًا
شبكة السيارات الصينية: تعرفتم سابقًا من خلال مقالتنا عن حصيلة صادرات السيارات الصينية للفترة من يناير إلى يوليو 2025 وخاصة سيارات الركاب والتي تصدرها دولة الإمارات العربية في تلك الفترة, وفي ظل إعادة تشكيل مذهلة لخارطة التجارة العالمية، رسخت الإمارات العربية المتحدة أيضُا مكانتها كوجهة أولى لـ صادرات سيارات الركاب الصينية، متجاوزة بذلك الأسواق التقليدية. البيانات الصادرة للفترة من يناير إلى أغسطس 2025 تروي قصة نمو متفجر وتنوع استراتيجي، حيث بلغت الصادرات الإجمالية للإمارات 299,584 وحدة، بنمو هائل قدره 55.8% على أساس سنوي. هذا الإنجاز لا يعكس مجرد حركة تجارية، بل يمثل إعادة توزيع للقوة في سوق السيارات العالمية.
فيما أتت المملكة العربية السعودية في المركز السابع والتي تعد من أقوى الأسواق العربية زخمًا في قطاع السيارات الصينية حيث وصلت الصادرات الصينية من سيارات الركاب إلى المملكة 163,519 وحدة بنسبة نمو +26.5%, وهو الأمر اللافت والذي يوضح قيمة السوق السعودي وقوته في المنطقة.

الوصول السريع لاجزاء المقال
صادرات سيارات الركاب: صعود الشرق الأوسط وتراجع روسيا
تكشف قائمة أكبر عشر وجهات لصادرات سيارات الركاب الصينية عن تحولات دراماتيكية في التفضيلات الجيوسياسية والاقتصادية. يظهر الجدول التالي التوزيع والحجم التراكمي:

الوجهة رقم 1: الإمارات – بوابة عالمية بلا منازع
لم تكتفِ الإمارات بتحقيق المركز الأول، بل عززت من الفارق مع أقرب منافسيها، مما يؤكد دورها كـ مركز تجاري ولوجستي محوري. النمو الذي بلغ 55.8% يشير بقوة إلى أن الإمارات لا تستوعب هذا العدد الهائل محلياً فحسب، بل تعمل كـ منصة لإعادة التصدير إلى أسواق المنطقة وشمال إفريقيا، مستفيدة من بنيتها التحتية المتقدمة ونظامها التجاري المرن.

المملكة العربية السعودية: نمو متصاعد كمركز استهلاكي
لم تكن الإمارات وحدها نجم الشرق الأوسط الصاعد في هذه الخارطة؛ فالمملكة العربية السعودية، أكبر سوق استهلاكي في المنطقة، عززت مركزها بقوة. سجلت صادرات سيارات الركاب الصينية إلى المملكة 163,519 وحدة، محققة نموًا صحيًا بلغ 26.5% على أساس سنوي. هذا الأداء يُبرز القبول المتزايد للعلامات التجارية الصينية لدى المستهلك السعودي، مدعومًا بانتشار الشركات الصينية نفسها في السوق.
كمثال، دخلت شركة BYD السوق السعودي العام الماضي وتخطط لتوسيع شبكة معارضها لتشمل سبعة معارض إضافية بحلول النصف الثاني من عام 2026, وناهيك عن ما يقرب من 30 براند صيني متنوع داخل السوق السعودي والقادم أكثر بدخول علامات تجارية جديدة مثل فويا وإم هيرو وإكسبنغ وليب موتور وأفاتر ونيو وديبال وغيرهم، مما يؤكد أن المملكة تتحول من مجرد وجهة استهلاكية إلى مركز نمو استراتيجي لا يمكن تجاهله.
روسيا وكازاخستان: تباين حاد
بينما سجلت روسيا، التي كانت وجهة تقليدية، هبوطاً حاداً بلغ 55.9% مقارنة بالعام الماضي بسبب التوترات الجيوسياسية، برزت كازاخستان بنمو متفجر وصل إلى 96.4%، وهو الأعلى بين الوجهات العشر الكبرى. هذا النمو الاستثنائي يعكس تحريراً سريعاً للطلب المحلي، كما يُسلط الضوء على الفوائد التجارية والاستراتيجية التي تجنيها كازاخستان من مبادرة “الحزام والطريق”، لتصبح بذلك محركاً جديداً غير متوقع لصادرات سيارات الركاب الصينية.
المركبات الكهربائية (NEVs) لسيارات الركاب: أوروبا مرساة والشرق الأوسط محرك
في قطاع المركبات الكهربائية (NEVs) لسيارات الركاب، تتضح صورة سوقية مختلفة، تركز على الأسواق المتقدمة كمرساة للاستقرار، مع الاعتماد على الأسواق الناشئة كقوة دفع للنمو السريع. يوضح الجدول التالي التوزيع الجغرافي لصادرات المركبات الكهربائية الصينية:

هيمنة أوروبا كـ “بوابة كهربائية”
تظل أوروبا هي الوجهة الأساسية للسيارات الكهربائية الصينية. تصدرت بلجيكا القائمة بحجم صادرات تجاوز 199 ألف وحدة، مؤكدة دورها كـ “بوابة رئيسية” للوصول إلى السوق الأوروبية الأوسع. كما سجلت المملكة المتحدة نمواً لافتاً بنسبة 49.7%، مدفوعاً باستراتيجية الحكومة البريطانية لدعم التحول الكهربائي (مثل دعم مشتريات المركبات الكهربائية) والتوسع السريع في شبكات الشحن العامة.

التوسع في الأسواق الناشئة
على النقيض من الاستقرار الأوروبي، سجلت الأسواق الناشئة نمواً متسارعاً. قفزت صادرات المركبات الكهربائية إلى المكسيك 74.9%، بينما سجلت إندونيسيا زيادة بلغت 84.7%. هذا النمو يعود إلى تزايد الطلب ووجود سياسات داعمة لتبني التنقل الكهربائي في هذه المناطق. حتى الإمارات، على الرغم من ترتيبها السادس، سجلت نمواً قوياً بلغ 47.7%، مما يؤكد الالتزام الحكومي بالسياسة الوطنية للمركبات الكهربائية التي تستهدف أن تكون 50% من السيارات على الطرق بحلول عام 2050 كهربائية.
رؤية شبكة السيارات الصينية
البيانات الصادرة عن الفترة من يناير إلى أغسطس 2025 تكشف عن تغيير محوري في استراتيجية صادرات السيارات الصينية. لم تعد الشركات تعتمد على وجهة واحدة كبيرة (كما كان الحال سابقاً مع روسيا)، بل نفذت ببراعة استراتيجية “تشتيت المخاطر”.
الاستنتاج الجوهري هنا هو: الاعتماد على أوروبا كنقطة ارتكاز مستقرة لاستقبال المركبات الكهربائية ذات الهامش الربحي المرتفع، بالتزامن مع توظيف الأسواق الناشئة ذات النمو المتفجر (كازاخستان، الإمارات والسعودية، إندونيسيا) كمحركات توسع سريعة. الدور الذي تلعبه الإمارات، كمحور لإعادة التصدير، والمكسيك، كنقطة دخول محتملة للسوق الأمريكية، يؤكد أن النجاح الصيني ليس مجرد جودة المنتج، بل هو براعة في الهندسة اللوجستية والجغرافية الاقتصادية.
هذا التنوع الجغرافي يمنح الصناعة الصينية مرونة هائلة في مواجهة أي تقلبات جيوسياسية أو رسوم جمركية محتملة في أي سوق منفردة، وهو ما يضمن استدامة زخم الصادرات في السنوات القادمة.