- 15 نوفمبر - 8 صباحًا
شبكة السيارات الصينية: تدخل صناعة سيارات الطاقة الجديدة في الصين مرحلة جديدة اعتبارًا من عام 2026، بعد سلسلة من القرارات الحكومية التي تعيد هيكلة الدعم المالي الموجَّه لهذا القطاع. فبعد سنوات من الإعفاء الكامل من ضريبة شراء سيارات الطاقة الجديدة، ستنتقل الحكومة الصينية إلى نموذج دعم جزئي يقوم على تخفيض الضريبة بنسبة 50% فقط، مع تشديد قوي في المتطلبات الفنية للسيارات المستفيدة.
هذا التحول لا يعني إلغاء الدعم تمامًا، لكنه يمثل انتقالًا من سياسة “دعم شامل وقوي” إلى “دعم انتقائي مشروط بالكفاءة والأداء”.

الوصول السريع لاجزاء المقال
أولًا: ما هو الدعم الذي نتحدث عنه؟
المقصود هنا هو ضريبة شراء السيارات الجديدة من الطاقة الجديدة، وهي ضريبة تُفرض عند شراء السيارة، وكانت الحكومة الصينية تعفي سيارات الطاقة الجديدة منها بالكامل طوال السنوات الماضية.
هذه السياسة كانت أحد أهم أدوات تحفيز انتشار السيارات الكهربائية والهجينة في الصين، وساهمت في خفض تكلفة الشراء على المستهلك النهائي، ودفعت الشركات لتسريع التحول نحو الطاقة النظيفة.

ثانيًا: نهاية الإعفاء الكامل بنهاية 2025
بحسب القرارات الحكومية المعتمدة حاليًا، تستمر الصين في:
- إعفاء كامل من ضريبة شراء سيارات الطاقة الجديدة حتى 31 ديسمبر 2025 وذلك للسيارات التي تستوفي شروطًا محددة وتندرج ضمن قائمة رسمية معتمدة.
معنى ذلك أن:
- أي سيارة طاقة جديدة مؤهلة تُشترى قبل نهاية 2025 يمكن أن تستفيد من إعفاء كامل من ضريبة الشراء (ضمن سقف معين لقيمة الإعفاء لكل سيارة ركوب).
هذه المرحلة تمثل ذروة الدعم المباشر، وهي امتداد لسياسات بدأت منذ عام 2014 لتعزيز انتشار السيارات الكهربائية والهجينة في السوق الصيني.

ثالثًا: من 2026 إلى 2027 – دعم جزئي يعادل 50% فقط
اعتبارًا من 1 يناير 2026 وحتى 31 ديسمبر 2027، تنتقل السياسة إلى مرحلة جديدة تقوم على:
- تحصيل ضريبة شراء السيارات من سيارات الطاقة الجديدة المؤهَّلة بنصف القيمة فقط
أي أن الدولة لن تعفي بالكامل، بل ستمنح تخفيضًا بنسبة 50% من الضريبة التي كان من المفترض دفعها على السيارة العادية، مع سقف محدد لقيمة التخفيض لكل سيارة ركوب.
عمليًا، يمكن تلخيص الصورة كالتالي:
- حتى نهاية 2025: دعم كامل على مستوى ضريبة الشراء (إعفاء 100% ضمن سقف محدد).
- من 2026 إلى 2027: دعم جزئي يعادل 50% فقط من ضريبة الشراء (أي نصف الضريبة المعيارية).
وهذا هو جوهر الفكرة التي يتم تداولها إعلاميًا بوصفها:
“إنهاء الدعم الكامل بنهاية 2025، والانتقال إلى دعم بنسبة 50% فقط من 2026.”

رابعًا: ليست كل سيارة كهربائية مؤهلة – أهمية “القائمة الرسمية”
نقطة جوهرية يجب فهمها:
الدعم الضريبي – سواء الإعفاء الكامل حتى 2025 أو التخفيض 50% من 2026 – لا يشمل كل سيارة كهربائية أو هجينة بشكل تلقائي.
لكي تستفيد السيارة من الإعفاء أو التخفيض الضريبي، يجب أن:
- تكون مدرجة في قائمة رسمية لسيارات الطاقة الجديدة المتمتعة بتخفيض ضريبة الشراء، تصدرها الجهات الحكومية المختصة.
- تستوفي متطلبات فنية ومعايير كفاءة محددة تتعلق باستهلاك الطاقة، المدى الكهربائي، وانبعاثات الوقود في حال السيارات الهجينة القابلة للشحن والنسخ ذات المدى الممتد.
وبالتالي، فإن السياسة الجديدة لا تفرّق فقط بين سيارات الطاقة الجديدة والسيارات التقليدية، بل تفرّق أيضًا بين طرازات الطاقة الجديدة نفسها بناءً على كفاءتها وأدائها.

خامسًا: تشديد قوي في المتطلبات الفنية بداية من 2026
بالتوازي مع الانتقال من الإعفاء الكامل إلى التخفيض بنسبة 50%، أعلنت الحكومة الصينية عن متطلبات فنية أكثر صرامة للسيارات التي ستحصل على هذا التخفيض خلال الفترة من 2026 إلى 2027.
1. السيارات الكهربائية بالكامل (BEV)
تتجه السياسة الجديدة إلى ربط الاستفادة من التخفيض الضريبي بمستوى استهلاك الطاقة، وذلك وفقًا لمعايير وطنية محدَّثة لاستهلاك الطاقة للسيارات الكهربائية.
بمعنى:
- يجب أن يكون استهلاك الطاقة لكل 100 كيلومتر ضمن حدود محددة أو أقل وفق معيار وطني محدث.
- هذا يدفع الشركات إلى تحسين كفاءة أنظمة الدفع، وتطوير الديناميكية الهوائية، وتخفيض الفاقد الحراري والكهربائي.
2. السيارات الهجينة القابلة للشحن والنسخ ذات المدى الممتد (PHEV / REEV)
تم تشديد الشروط عليها بشكل واضح، وعلى رأسها:
- المدى الكهربائي الخالص:
- يجب ألا يقل عن حد أدنى معياري (مثل 100 كم في وضع القيادة الكهربائي الصافي)، وذلك لضمان أن السيارة ليست مجرد “هايبرد خفيف” بل تستغل الطاقة الكهربائية فعليًا في الاستخدام اليومي.
- استهلاك الوقود في وضع الحفاظ على شحن البطارية:
- يُشترط أن يكون استهلاك الوقود أقل من نسبة معينة من حدود معيار استهلاك الوقود لسيارات الركوب.
- هذه النسبة تصبح أكثر تشددًا للسيارات الأخف وزنًا، وتُخفَّف قليلًا للسيارات الأثقل، لكنها في كل الأحوال أقل من الحدود القياسية العامة لاستهلاك الوقود.
- استهلاك الكهرباء في وضع القيادة الكهربائي:
- يجب أن يكون استهلاك الطاقة الكهربائية أقل من حدود معينة نسبةً إلى المعيار الوطني لاستهلاك الطاقة للسيارات الكهربائية.
- هذا يضمن أن السيارة ليست فقط “هجينة قابلة للشحن” على الورق، بل تتمتع بكفاءة طاقية حقيقية.
خلاصة هذه الشروط:
- الدعم لن يكون مرتبطًا فقط بكون السيارة “كهربائية” أو “هجينة”، بل بكونها فعّالة وكفؤة في استغلال الطاقة.

سادسًا: لماذا تقوم الصين بهذا التحول الآن؟
هناك عدة أهداف واضحة يمكن قراءتها من هذه السياسة:
- الانسحاب التدريجي من الدعم المباشر
بدلًا من صدمة مفاجئة بإلغاء الدعم بالكامل، تختار الحكومة مسارًا تدريجيًا:- أولًا: استمرار الإعفاء الكامل حتى 2025.
- ثانيًا: تخفيض بنسبة 50% في 2026–2027.
هذا يعطي السوق – شركات ومستهلكين – وقتًا كافيًا للتكيّف.
- تحويل الدعم من “الكمّ” إلى “النوع”
لم يعد الهدف دعم أي سيارة طاقة جديدة لمجرد أنها كهربائية أو هجينة، بل دعم:- السيارات الأعلى كفاءة،
- والأفضل من ناحية استهلاك الطاقة والمدى والانبعاثات،
- بما يرفع المعايير الفنية للصناعة بأكملها.
- تخفيف الضغط على المالية العامة
الإعفاءات الضريبية الضخمة على مدى سنوات طويلة كلّفت ميزانية الدولة مبالغ كبيرة.
تخفيض الدعم إلى 50% يساعد على:- تقليل تكلفة الدعم على الدولة،
- مع الحفاظ على حافز مهم للمستهلك لاقتناء سيارات الطاقة الجديدة.
- دفع الشركات نحو الابتكار الحقيقي
لم تعد الشركات قادرة على الاعتماد فقط على “ميزة الإعفاء الضريبي” للتسويق، بل أصبحت مجبرة على:- تحسين الكفاءة الحرارية،
- تطوير البطاريات والمحركات الكهربائية،
- وتحسين البرمجيات وأنظمة إدارة الطاقة.

سابعًا: التأثير المتوقع على المستهلك والشركات
1. على المستهلك
- في الفترة حتى نهاية 2025:
- المستهلك يستفيد من أعلى مستوى دعم على ضريبة الشراء (إعفاء كامل ضمن سقف محدد).
- من 2026 إلى 2027:
- سيظل الدعم موجودًا، لكنه سيكون أقل نسبيًا (50% فقط من الضريبة).
- في المقابل، من المتوقع أن:
- تستمر الشركات في تقديم عروض وأسعار تنافسية،
- وتستفيد من انخفاض تكاليف الإنتاج مع توسع حجم الصناعة.
2. على الشركات المصنعة
- الشركات التي تقدم سيارات:
- ذات مدى كهربائي ضعيف،
- أو استهلاك وقود/طاقة مرتفع،
ستجد صعوبة في تأهيل طرازاتها للحصول على التخفيض الضريبي.
- أما الشركات التي تستثمر في:
- تقنيات بطاريات حديثة،
- حلول إدارة طاقة ذكية،
- تحسين الديناميكا الهوائية،
فستكون في موقع أفضل للاستفادة من المرحلة الجديدة.
في المحصلة، السياسة الجديدة ستُسرّع فرز السوق:
- طرازات عالية الكفاءة ستبقى مستفيدة من الدعم،
- وطرازات أقل كفاءة ستفقد هذه الميزة تدريجيًا.

رؤية شبكة السيارات الصينية
من منظور شبكة السيارات الصينية، يمكن القول إن الصين انتقلت الآن من مرحلة “دعم التأسيس” إلى مرحلة “دعم النضج والتميّز”.
في مرحلة التأسيس، كانت الأولوية هي:
- رفع حجم مبيعات سيارات الطاقة الجديدة،
- وبناء قاعدة إنتاج وسلاسل توريد قوية.
اليوم، وقد أصبحت الصين في صدارة السوق العالمي للسيارات الكهربائية والهجينة، تغيّر الهدف إلى:
- رفع جودة وكفاءة ما يتم بيعه فعليًا في السوق،
- وتحويل الدعم من كونه “حقًا عامًا لكل سيارة طاقة جديدة” إلى “امتياز للطرازات الأفضل تقنيًا والأكثر كفاءة في استهلاك الطاقة”.
بالنسبة للمراقبين وصنّاع القرار في المنطقة العربية، هذه التجربة الصينية تقدم نموذجًا مهمًا يمكن الاستفادة منه:
- البداية بدعم قوي لتسريع التحول،
- ثم الانتقال التدريجي إلى دعم انتقائي مرتبط بالأداء والكفاءة،
- مع ضبط التكلفة على المالية العامة وعدم تكريس الدعم بشكل دائم.
في السنوات المقبلة، سيكون من المهم متابعة كيفية تفاعل المستهلك الصيني مع هذه التغييرات، وكيف ستعيد الشركات الصينية ترتيب استراتيجياتها ومنتجاتها لتظل مؤهلة للحصول على هذا الدعم الجزئي من 2026 فصاعدًا، خاصة في فئات السيارات الكهربائية بالكامل، والهايبرد القابلة للشحن، والنسخ ذات المدى الممتد، التي بدأت تغزو الأسواق العالمية بما فيها أسواقنا في الخليج والسعودية.
